قراءة القرآن فوائد وأحكام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
فلقراءةِ القرآن من الثمرات ما لا يُحصى، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، وقد لخصها بعض العلماء فيما يلي:
1- إن قارئ القرآن في مصاف العظماء ومن أفضل الناس، وأعلاهم درجةً.
2- يكتسبُ القارئ عن كل حرفٍ حسنةً والحسنة بعشرِ أمثالها.
3- تشملُ القارئ ظلةُ الرحمةِ ويُحاطُ بالملائكة وتتنزل عليه السكينة.
4- يُضئُ الله قلبَ القارئِ، ويقيه ظلمات يوم القيامة.
5- القارئُ رائحتُهُ ذكيَّةٌ ومذاقُهُ حُلو كالأُتْرجَّةِ (وهي ثمرةٌ جامعة لطيب الطعم والرائحة وحسن اللون)، ومن هنا فهو جليس صالح يقترب منه الصالحون العاملون ليشموا منه عطره وينفحوا من شذاه.
6- قارئ القرآن لا يَحْزُنُهُ الفزعُ الأكبر؛ لأنه في حماية الله ولأن القرآن يشفع له.
7- قارئ القرآن سببٌ في رحمة والديه، وإغداقهما بالنعيم ويمدهما الله بالأنوار المتلألئة جزاء قراءة ولدهما.
8- قارئ القرآن يرقى إلى قمة المعالي في الجنة ويصعد إلى ذروة النعيم.
9- يَغْبط الصالحون قارئ القرآن ويتمنون أن يكونوا في درجته السامية عند الله تعالى ويودون أن يعملوا مثله.
10- قارئ القرآن تدعو له الملائكة الكرام بالرحمةِ والمغفرة.
11- قارئ القرآن مُستمسكٌ بالعروة الوثقى، ويتمتعُ بالشِّفاء الناجع، ويُعصم من الزيغ، وينجو من الشدائد.
12- قارئُ القرآن من أهل الله وخاصته المتقربين إليه، ومن العاملين الشغوفين بطاعة الله والقانتين له.
13- قارئ القرآن يرتفع به درجات في الدنيا أيضًا إذ يرفع الله به أقوامًا ويخفض آخرين (ممن أعرضوا عنه أو هجروه).
14- قارئ القرآن يُكتبُ عند الله من الذاكرين الله كثيرًا.
15- قارئ القرآن ممن يشهدُ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
16- الماهرُ بالقرآن يبعث يوم القيامة مع السَّفرةِ الكرام البررة ( السفرة: الملائكة الكتبة، البررة: جمع بار وهو المطيع).
17- قارئ القرآن تبتعدُ عنه الشياطين وتخرج من بيته.
18- قارئ القرآن يستنير عقله ويمتلئ قلبه بالحكمة وتتفجر منه ينابيع العلم.
19- قارئ القرآن فيه قبسٌ من النبوة (غير أنه لا يُوحى إليه).
20- حامل القرآن لا يجهل مع من يَجْهَل لأن القرآن في جوفه يحميه من الحِدَّة والغضب.
21- بالقرآن الكريم تعمرُ القلوبُ والبيوت، ويعمها الخير والبركة.
22- قراءة القرآن تُورث القلبَ خُشوعًا والنفس صَفاءً.
23- قارئ القرآن يسأل الله به فَيُجيبُهُ فَضلاً منه وكرمًا.
24- أهلُ القرآن يذكرهم الله فيمن عنده وكفى بذلك فضلاً وشرفًا.
25- في القرآن غِنيً لأهلِهِ تسعدُ به قلوبهم كما يَسْعَدُ صاحب المال بمالِهِ.
حكم القراءة ومقدار ما يقرأ
قراءةُ القرآن سنة من سنن الإسلام، والإكثار منها مُستحب حتى يكون المسلم مستنير الفؤاد بما يقرأ من كتاب الله، والتلاوة مع إخلاص النية وتحسين القصد عبادة يؤجرُ عليها المسلم بدليل ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة... الحديث". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وما جاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعًا: "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه...." رواه مسلم. وكان السلف رضوان الله عليهم يحافظون على قراءة القرآن.
مقدار القراءة
أما القدر الذي ينبغي قراءته فإنه يختلف باختلاف الناس، يقول الإمام النووي في الأذكار: ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلاً ونهارًا، سفرًا وحضرًا، وقد كان للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعة منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليال ختمة، وآخرون في كل سبع ليالٍ ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف، وآخرون في كل ست ليال، وآخرون في خمس، وآخرون في أربع، وكثيرون في كل ثلاث ختمة.. وذكر أن بعضهم ختم أربعًا في الليل وأربعًا في النهار، قال النووي: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم، أو فصل الحكومات بين المسلمين، أو غير ذلك من مهمات الدين، والمصالح العامة للمسلمين فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مُرصد له، ولا فوات كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حدِّ الملل أو الهَذْرَمَةِ (وهي الإسراع الزائد) في القراءة.
وقد كرِهَ جماعةٌ من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يفقهُ من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".
{انتهى كلام النووي بتصرف يسير}
الأوقات التي تستحب فيها القراءة
قال النووي: أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وآخرين رحمهم الله: أن تطويل القيام في الصلاة بالقراءة أفضل من تطويل السجود وغيره.
وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصفُ الأخير منه أفضل من الأول، والقراءةُ بين المغرب والعشاء محبوبةٌ.
وأما قراءة النهار فأفضلها ما كان بعد صلاة الصبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النهي عن الصلاة (النافلة).
ومن السنة كثرةُ الاعتناء بالقراءة في شهر رمضان، وفي العشر الأُخَر منهُ أفضل وليالي الوتر آكد ومن ذلك العَشْرُ الأُوَل من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة.
آيات وسور مخصوصة في صلوات مخصوصة
قال النووي: السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى (السجدة) بكمالها، وفي الثانية هل أتى على الإنسان بكمالها، ولا يفعل ما يفعله كثير من أئمة المساجد من الاقتصار على آيات من كل واحدة منهما مع تمطيط القراءة بل ينبغي أن يقرأهما بكمالهما ويدرج قراءته مع ترتيل.
والسنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة (الجمعة) بكمالها، وفي الثانية سورة (المنافقون) بكمالها، وإن شاء سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية فكلاهما صحيح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
والسنة في صلاة العيد في الركعةِ الأولى أن يقرأ سورة (ق) وفي الثانية اقتربت الساعة بكمالها، وإن شاء (سبح اسم ربك الأعلى)، و هل أتاك، فكلاهما صح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
ويقرأ في ركعتي سنة الصبح بعد الفاتحة في الأولى: قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وإن شاء قرأ في الأولى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا {البقرة: 126}، وفي الثانية: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم {آل عمران: 64}، فكلاهما صحيح من فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
ويقرأ في سُنة المغرب في الأولى قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية قل هو الله أحد ويقرأهما أيضًا في ركعتي الطواف وركعتي الاستخارة.
ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى: "سبح اسم ربك الأعلى"، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة: قل هو الله أحد والمعوذتين (الفلق) و(الناس).
سور مخصوصة في أوقات ومواضع مخصوصة
أما في غير الصلاة فمن المستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، كما يستحب أيضًا أن يقرأها ليلة الجمعة لما جاء في حديث الدارمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه موقوفًا، قال: "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق" قال محقق التبيان حديث صحيح.
{وذكره الألباني في صحيح الجامع مرفوعًا ح(6471) وفيه "... يوم الجمعة"}
ويستحب الإكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه، وأن يقرأ المعوذتين عقب كل صلاة، فقد صحّ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة". {رواه أبو داود والترمذي والنسائي. قال الترمذي: حديث حسن صحيح}
وأن يقرأ إذا استيقظ من نومه آخر آل عمران من قوله تعالى: إن في خلق السموات والأرض (الآية 190- إلى آخر السورة) لما ثبت في الصحيحين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ خواتيم آل عمران (الآيات العشر الأواخر) إذا استيقظ من الليل للصلاة.
ويستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة، و قل هو الله أحد والمُعوذتين.
وعن طلحة بن مصرف قال: كان يقال: إن المريض إذا قُرئَ عنده القرآن وجد لذلك خفة، فدخلت على خيثمة بن سليمان وهو مريض، فقلت: إني أراك اليوم ضاحكًا، فقال: إنه قُرئَ عندي القرآن، وروى الخطيب أبو بكر البغدادي بإسناده: أن أحمد بن منصور الرمادي رحمه الله كان إذا اشتكى شيئًا قال: هاتوا أصحاب الحديث، فإذا حضروا قال: اقرؤوا عليَّ الحديث فهذا في الحديث فالقرآن أَوْلى.
[img(259,57):dc98]
http://www.islamroses.com/ibw/style_images/pink[1]/pink_line.gif[/img:dc98]اللهم اجمعنا في الفردوس الاعلى
صلى الله وسلم على محمد ومن تبعه باحسان الى يوم الدين